حق الوالدين
أما حق الأم فكما ورد في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليهالسلام قال
عليهالسلام : «فحق الأم أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً وأطعمتك من ثمرة
قلبها ما لا يطعم أحد وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع
جوارحها مستبشرة بذلك فرحة محتملة لما فيه مكروهها وثقلها وغمها حتى دفعتها عنك يد
القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى وترويك وتظمى وتلذذك
بالنوم بأرقها وكان بطنها وعاءً و حجرها لك حواءً وثديها لك سقاءً ونفسها لك وقاءً
تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون
اللّه وتوفيقه».
يعكس الفهم القرآني دور الأم في حملها للولد بقوله : « حملته أمه
كرهاً ووضعته كرهاً ».
و بقوله: « وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ».
انظر إلى وجودك فإنه آية من حيث أصل وجودك عندما كنت خلية منوية وتلاقح البويضة مع
تلك الخلية والتصاق هاتين بجدار الرحم فيوجب من هذا التلاقح والالتصاق حدوث خاصية
التآكل الذي يوجب تمزق جدار الرحم فيسيل دم الأم إلى ذلك الموضع فتصبح هذه البويضة
الملقحة في ذلك الفضاء والحوض تسبح فيه تلك البويضة ثم تتغذى منه بكل قوى صالحة
ممتصة من جسم الأم تأخذ البويضة راحتها واستقرارها فتنمو شيئاً فشيئاً بغض النظر عن
حال الأم من الوحام والأمراض ويأخذ الولد بالاشتداد والقوة من دم الأم المسكينة حيث
كلما اشتد أخذ من قواها فتعطي محلول جسمها وعظامها في الدم ليشتد به عضدك وهكذا حتى
تصبح قوياً تخرج إلى عالم الدنيا فلم تترك الأم وليدها فتحضنه وتضعه على صدرها بكل
شفقة ومحبة وعطف وحنان ويمتص عصارة قلبها وأعصابها فتدر عليه من ثديها وهي بعين ذلك
مأنوسة فرحة مستبشرة لا تمل من حر ولا برد ساهرة العين شاخصة ببصرها نحوه في كل
حركة من حركاته وسكناته ليل نهار.
و كلما أراد الولد أن يوفي حقها ما أمكنه فإنه لا يجازي طلقة من طلقاتها
وقد صدق رسول اللّه صلىاللهعليهوآله عندما جاءه رجل كان في الطواف حاملاً أمه
يطوف بها فسأله هل أديت حقها فأجابه صلىاللهعليهوآله لا و لا بزفرة واحدة.
وجاء رجل آخر قائلاً يا رسول اللّه من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال
صلىاللهعليهوآله«أمك قال: ثم من؟ قال صلىاللهعليهوآله أمك قال: ثم من؟ قال
صلىاللهعليهوآله أمك قال: ثم من؟ قال صلىاللهعليهوآلهأبوك».
و قال صلىاللهعليهوآله : «يوصيكم اللّه بأمهاتكم ثم يوصيكم
بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب».
و قال صلىاللهعليهوآله : «الجنة تحت أقدام الأمهات».
كان رجل من النساك يقبل كل يوم قدم أمه فأبطأ يوماً على إخوته فسألوه
فقال كنت أتمرغ في رياض الجنة فقد بلغنا أن الجنة تحت أقدام الأمهات.
و عن عباس بن مرداس أنه قال: يا رسول اللّه إني أريد الجهاد قال ألك أم
قال نعم قال الزم أمك فإن الجنة عند رجل أمك.
وقال صلىاللهعليهوآله : «ولا ينبغي للرجل أن يخرج إلى الجهاد وله أب
وأم إلا بإذنهما». إن مثل هذا وذاك فيه الإشارة إلى أن طاعة الأبوين واجبة وإذا
تزاحم الجهاد مع رضا الأبوين يقدم رضاهما لتقديم الأهم على المهم ولئلا يوجب عقوقاً
لحق الأبوين.
والمهم أن حق الأم مقدم على حق الأب من ناحية الإشفاق والحنو والعطف
والرحمة فإن الأم تريد من الولد الرحمة والعطف فلابد أن تجازى ويقدم لها الرحمة
والرعاية فإنها صاحبة القلب المنكسر وصاحبة النفس العطوف وصاحبة الدمعة المنهمرة
فلا يحسن من الولد كسر نفسيتها وقلبها الذي جعلته لك أمناً واستقراراً.
شكا رجل إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله سوء خلق أمه فقال
صلىاللهعليهوآله : «إنها لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر وحين أرضعتك
حولين وحين سهرت لك ليلها وأظمأت نهارها فقال الرجل إني جازيتها وحججت بها على
عاتقي فقال صلىاللهعليهوآله ما جازيتها ولا طلقة».
وكان صلىاللهعليهوآله يقول «حق الوالد أن تطيعه ما عاش وأما حق
الوالدة فهيهات هيهات لو أن عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها ما
عدل ذلك يوم حملته في بطنها».
جاء رجل إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله، قال : يا رسول اللّه أي
الوالدين أعظم حقاً قال صلىاللهعليهوآلهالتي حملته بين الجنبين وأرضعته
الثديين وحضنته على الفخذين وفدته بالوالدين.
إن حق الأم و ما تقدمه من مجهود نفسي وجسدي في رعاية ولدها حتى ينشأ
ويصبح ولدا سوياً ورجلاً رشيداً وبنية قوية فإذا سرنا في دراسة حقوق الأم فلم يعط
الولد حقها كاملاً وإنما إذا قدر أداء حقها فهو بعض من كل وليس كلّاً من كل، ألا
فانظر إلى ما تعرض إليه أرباب الحقوق والقانون الدولي بأنه لو كانت دولة اعتدت على
دولة أخرى وسلبتها حقها وكرامتها اقتص منها الحقوق ومنها حق الخوف والاضطراب النفسي
فكيف بالأم فإنها حين الإنجاب تعيش في أرق واضطراب وقلق فلا يهدأ لها استقرار ولا
كيان ولا راحة في جميع أوقاتها تعيش مع الطفل في أرق إذا وجدته مريضاً وتعيش معه في
حال نومه ويقظته وتسهر الليالي والأيام لا يهدأ لها حال ولا استقرار ذهني بل كلها
متجهة إليه في نفسها وفي عقلها وشعورها وأحاسيسها وجميع قواها غير شاردة عنه تشخصه
ببصرها وتراقبه في شعورها وبصرها لا تنقطع عنه في أية لحظة من الأوقات تفديه من
عصارة كبدها وتحنو عليه بكل قواها فهل يمكن للولد أن يجازي أمه ، كلا وألف كلا هل
يمكنه أن يجازيها بالآلام هل يجازيها بسهر الليالي والأيام هل يجازيها بإعطائه
الغذاء من عصارة كبدها ودمها هل يجازيها بطلقاتها ووصولها إلى شرف الهلكة وهي
تستغيث من شدة الألم والبكاء هل يجازيها ببكائها عند مرضه وأرقه تذرف عليه بدمعها
الحزين لا يهدأ لها حال ولا استقرار قد ضاقت الدنيا في عينيها من كثرة الحزن والألم
بما تشاهده في ولدها عند بكائه وآلامه.
ألا فانظر إلى دور الإسلام ورعاية حقوق الوالدين فقد اسقط الجهاد في سبيل
اللّه إذا كان له أب أو أم فقال صلىاللهعليهوآله : «ولا ينبغي للرجل أن يخرج
إلى الجهاد وله أب أو أم إلا بإذنهما ومن أصبح ووالداه راضيان عنه فله بابان
مفتوحان إلى الجنة فلا ينبغي له أن يسد هذا الباب بالخروج بغير إذنهما».
و يقول صلىاللهعليهوآله : «حق الوالد أن تطيعه ما عاش وأما حق
الوالدة فهيهات هيهات لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها ما
عدل ذلك يوم حملته في بطنها».
جاء رجل إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله، قال: يا رسول اللّه أي
الوالدين أعظم حقا قال صلىاللهعليهوآله : «التي حملته بين الجنبين وأرضعته
الثديين وحضنته على الفخذين وفدته بالوالدين».
جاء عن مهزم بن أبي بركة الاسدي قال وقع بيني وبين أمي كلام فأغلظت لها
فلما كان من الغد صليت الغداة وأتيت أبا عبد اللّه عليهالسلام فدخلت عليه فقال
لي مبتدئاً يا مهزم مالك ولخالدة أغلظت لها البارحة أما علمت أن بطنها منزلاً قد
سكنته وأن حجرها مهداً قد اخترته وأن ثديها وعاءً قد شربته قلت بلى قال فلا تغلظ
لها.
وقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله «إن اللّه حرم عليكم عقوق الأمهات
ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال».
اشتمل الحديث على ستة أشياء يجب على المسلم اجتنابها، أولها عقوق الأمهات
وعدم القيام بحقوقهن والوفاء لهن بما يجب من حسن الطاعة والإنفاق والمعونة وطيب
القول والبعد عما يغضبهن أو يسبب سخطهن فطالما شقيت الأم بابنها حملاً وفصالاً
ورضاعاً وتربية وحياطة من كل أذى وضرر وتسهر لينام وتتعب ليرتاح وتشقى ليسعد.
ابتسامته وهو صغير أشهى لديها من الدنيا وما فيها وصحته وسروره أعلى ما تبغي الحصول
عليها ... الخ.
و علينا أن نفرق بين الحقوق حيث إنها تقسم إلى قسمين:
1 ـ الحقوق الشرعية.
2 ـ الحقوق الأخلاقية.
. شرح كتاب السير الكبير للشيباني.
. شرح كتاب السير الكبير للشيباني.
. رسالة الحقوق ج1 ص550 للسيد حسن القمبنجي.
. رسالة الحقوق ج 1 ص550 للسيد القنبجي.
|